الأفلام القصيرة كانت ولا زالت بوابة الموهوبين إلى عالم محترفي صناعة السينما، حيث يمكنهم من خلالها إبراز موهبتهم وإظهار قدراتهم وجذب الأنظار إليهم، ودليل ذلك أن النسبة الغالبة من نجوم السينما الحاليين في مختلف المجالات وخاصة التمثيل والإخراج كانت بدايتهم من خلال الأفلام القصيرة .. قدم الخبراء في المجال الفني مجموعة من النصائح لكل راغب في صناعة فيلمه القصير الأول، تلك النصائح هي بمثابة مجموعة من الضوابط أو التعليمات التي يجب مراعاتها ابتداءً من مرحلة الإعداد وحتى مرحلة المونتاج بهدف اكتمال العمل بدون معقوات وإخراجه في أفضل صورة ممكنة.
ماذا تحتاج لتنفيذ هذه التعليمات؟
- اكتساب الخبرة من مشاهدة الأعمال الأخرى
- إعداد سيناريو مناسب
- اختيار فريق العمل
- تحديد المعوقات وتفاديها
- تحديد الميزانية
- اختيار توقيت التصوير المناسب
- البحث عن برامج المنح المناسبة
كيفية صناعة الأفلام القصيرة
1 مشاهدة التجارب السابقة
كثرة الاطلاع على التجارب السابقة تمنح الإنسان بعض من الخبرة التي يحتاج إليها من أجل إنجاز عمله الخاص أي كان مجال تخصصه، والموهوبون في مجال الفنون السينمائية يحرصون على مشاهدة الأعمال الفنية بصفة مستمرة بهدف الاستفادة منها واكتساب الخبرة الفنية والعملية على السواء.
لذلك أولى النصائح التي يقدمها الخبراء في المجال الفني هي ضرورة الاطلاع على عدد كبير من الأفلام القصيرة قبل البدء في العمل على فيلمك الخاص، حيث أن طبيعة تنفيذ الأفلام القصيرة تختلف كثيراً عن الأفلام الروائية الطويلة أو الأفلام الوثائقية والتسجيلية، لذلك لابد من مشاهدة كم كبير من تلك النوعية قبل بدء العمل، والأفضل مشاهدة أفلام من جنسيات متعددة مع الحرص على تحليل المواد التي تتم مشاهدتها وتدوين الملاحظات للاستفادة من مواطن القوة ميزتها وتفادي الأخطاء التي وقعت بها.
2 اختيار فكرة السيناريو المناسبة :
سواء كنت ستتولى مهمة كتابة السيناريو بنفسك أو ستتعاون مع كاتب آخر ففي كلا الحالتين يجب اختيار الفكرة المناسبة، والتي يمكن أن يتم طرحها من خلال الفيلم القصير وفي إطار الإمكانيات المتاحة لتنفيذه، والعوامل التي يجب مراعاتها أثناء تحديد الفكرة الرئيسية التي سيدور حولها سيناريو الفيلم تتمثل فيما يلي:
3 التوازن بين الفكرة ومدة العرض :
يتراوح متوسط مدة عرض الأفلام القصيرة ما بين دقيقة واحدة وحتى عشرين دقيقة تقريباً، بناء على ذلك عند العمل على إعداد فكرة العمل يجب التأكد من مدى إمكانية طرحها بالشكل المناسب في حدود المدة الزمنية المتاحة، ولذلك يفضل الاعتماد على الأفكار الأكثر بساطة خاصة في الفيلم الأول.
ينصح أيضاً عند إعداد سيناريو الأفلام القصيرة الاعتماد على خط درامي واحد فقط، وذلك حتى يكون الفيلم أكثر ترابطاً من حيث البنية الدرامية، حيث كلما كانت قصة الفيلم معقدة أو متشعبة الخطوط الدرامية تتطلب ذلك مزيداً من الوقت على الشاشة لتوضيح تفاصيل الحبكة.
بناء على ما سبق نتبين أن هناك بعض الثيمات السينمائية أو الأفكار التي لا يجب التطرق إليها عند العمل على السيناريو مثل الأفكار التي تدور من خلال عدة أجيال، أو الأفكار البوليسية المعتمدة على التشويق والألغاز، والأفضل إيجاد أفكار تقوم على رصد موقف ما أو حالة إنسانية محددة.
4 طبيعة الأماكن التي تدور داخلها الأحداث :
ثاني العوامل التي يجب مراعاتها عند إعداد سيناريو الأفلام القصيرة هي الأماكن التي تدور داخلها أحداث العمل، حيث يُفضل أن تكون تلك الأماكن موجودة على أرض الواقع ويسهل التصوير داخلها على حالتها، دون الحاجة إلى إحداث أي تغيرات كبيرة في الديكورات الخاصة بها.
يجب على كاتب سيناريو الفيلم القصير عدم وضع اشتراطات خاصة في وصف الأماكن التي تدور داخلها أحداث فيلمه، والاكتفاء بالوصف العام فقط مثل (مقهى شعبي، شقة متوسطة، شقة فخمة، كافيه.. إلخ)، حيث أن كلما زادت التفاصيل على الورق كلما قلت احتمالات إيجاد مواقع تصوير مطابقة لها على أرض الواقع.
5 تجهيزات التصوير والشخصيات :
ثالث العوامل التي يجب أخذها في عين الاعتبار عند الإعداد للعمل على الأفلام القصيرة وكتابة السيناريو الخاص بها، هو ألا يكون تنفيذ العمل يتطلب توفير بعض التجهيزات الخاصة، لذلك على سبيل المثال لا يُفضل أن تكون أحداث العمل لا تدور في فترة زمنية بعيدة، حيث أن ذلك سيتطلب توفير بعض التجهيزات الخاصة مثل الملابس والسيارات ومجاميع “كومبرسات” وغير ذلك، أيضاً طبيعة الشخصيات نفسها يفضل ألا تحتاج إلى ملابس أو إكسسوارات خاصة يصعب توفيرها، مثل المجوهرات الثمينة أو ملابس الخاصة بتخصص معين مثل ملابس الجنود أو الضباط أو الأطباء.. إلخ.
ميزانية تنفيذ الأفلام القصيرة تكون محدودة جداً وعادة ما يتم الاعتماد في تنفيذ الفيلم على الجهود الذاتية، لذلك الأفضل أن تسمح فكرة الأعمال باعتماد الممثلين على ملابسهم وإكسسواراتهم الخاصة.
6 تفادى التصوير الخارجي قدر الإمكان :
يواجه المخرج المحترف صعوبة بالغة في التصوير في مواقع التصوير الخارجية مثل الشوارع والميادين والمقاهي العامة وغير ذلك، وبطبيعة الحال تزداد المهمة صعوبة بالنسبة للمخرجين الهواة بسبب قلة الخبرة وقلة الإمكانيات المتوفرة له وغياب التأمين، وبناء على ذلك يُفضل من البداية التقليل من عدد المشاهد الخارجية في سيناريو الفيلم لتفادي صعوبات التصوير المعتادة في تلك المواقع، أما إذا كان اللجوء إلى تلك المواقع أمراً ضرورياً تفرضه أحداث العمل فينصح الخبراء بانتقاء الأماكن الأكثر هدوءاً والأقل ازدحاماً حتى يمكن السيطرة عليها وإنجاز العمل بدون معوقات.
في ذات السياق يفضل تفادي التصوير في المواقع الحساسة مثل الهيئات الحكومية والميادين الرئيسية وعلى مقربة من الوزارات والمؤسسات الأمنية والدبلوماسية وما يماثلها، وذلك تفادياً للوقوع تحت طائلة القانون، حيث أن التصوير في محيط تلك الأماكن يتطلب الحصول على تصاريح خاصة من الجهات المعنية، والتي يتطلب استخراجها جهداً ووقتاً ومالاً قد لا يكون متوفراً بالنسبة للهواة، كما أن قوانين بعض الدول تحظر إصدار تلك التصاريح لغير شركات الإنتاج الفني المُشهرة قانوناً.
7 اختار فريق العمل :
صناعة السينما واحدة من أكثر الصناعات تعقيداً حيث أن إنجاز العمل الفني السينمائي يمر بالعديد من المراحل ويعتمد على العديد من التخصصات، ابتداءً من مرحلة الإعداد والتي تتطلب توفير السيناريو المناسب ثم مرحلة التنفيذ والتي تتطلب توفير العديد من المعدات والفنيين ثم المرحلة النهائية المتمثلة في إعداد الفيلم للعرض من خلال أعمال المونتاج وإضافة المؤثرات الصوتية والبصرية وغير ذلك.
صناعة الأفلام القصيرة لا تختلف بصورة كبيرة عن صناعة الأفلام الروائية الطويلة، حيث أن كلا النوعين يمرا بنفس المراحل وإن كان الفيلم القصير يعتمد على إمكانيات أقل جودة، ولذلك من أهم الخطوات التي يجب اتخاذها عند الإعداد للعمل اختيار الأفراد المناسبون في مختلف المجالات الفنية الرئيسية لإخراج العمل بشكل لائق وهم:
- كاتب السيناريو
- المخرج
- المصور
- المونتير
- الموسيقى
يفضل عند العمل على الفيلم الأول اختيار فريق العمل من الشباب الهواة، حيث أن غالبية هذه الفئة مستعدون للعمل التطوعي بهدف خوض التجربة العملية وإظهار إمكانياتهم، ومن يتقاضى منهم أجراً فيكون أجره منخفضاً بصورة كبيرة ولن يتسبب في رفع الميزانية المحددة للعمل.
8 تفادى المعوقات من البداية :
الإعداد الجيد هو أحد أسرار النجاح في مختلف المجالات العملية بما في ذلك المجال الفني وصناعة الأفلام، لذلك يجب على صُناع الأفلام القصيرة التحرك وفقاً لخطة محددة تفادياً للتعثر في منتصف الطريق نتيجة نقص بعض متطلبات إنجاز العمل، ولتفادي التعرض إلى ذلك لابد من إعداد دراسة دقيقة تتمثل في قائمة بمختلف التجهيزات اللازمة لتنفيذ الفيلم وإخراجه إلى النور.
يجب أن تتضمن قائمة الإعداد كافة العناصر اللازمة للتصوير من معدات وإكسسوارات وملابس وغير ذلك، مع ضرورة التأكد من توفر كافة العناصر المطلوبة قبل الشروع في تنفيذ الفيلم تفادياً لتوقف التصوير المتكرر، وللعمل على إيجاد حلول في حالة وجود بعض النواقص في التجهيزات المطلوبة بإيجاد بدائل مناسبة أو عن طريق إحداث تعديلات على السيناريو تسمح بالاستغناء عن بعض تلك التجهيزات غير المتوفرة.
9 حدد الميزانية بدقة :
الإدارة المالية أحد أساسيات إنجاز الأعمال الفنية وفي عالم المحترفين توكل تلك المهمة إلى العديد من الأشخاص مثل: المنتج الفني والمنتج المنفذ والمشرف على الإنتاج ومساعديهم، لكن فيما يخص الأفلام القصيرة وبسبب انخفاض الميزانية وقلة مدة التصوير وعدد العاملين في الفيلم من الممكن أن يتولى شخص واحد كل تلك المهام.
مهمة المدير المالي لا تتمثل في مراقبة المصروفات فحسب كما يعتقد البعض، بل أن مهمته الأولى هي تحديد الميزانية الإنتاجية اللازمة لتنفيذ الفيلم بالشكل المطلوب، مع التأكد من توفير كافة التجهيزات اللازمة لإخراج العمل بأعلى جودة وأقل تكلفة ممكنة، وفي ذات السياق ضمان توفير مختلف العناصر التي يحتاج إليها المخرج لتفادي توقف التصوير وتعطل العمل.
تحقيق ذلك يتم من خلال الإعداد المسبق لميزانية تصوير الأفلام القصيرة والتي تجرى بصورة مُبسطة، تتمثل في إعداد قائمة بمختلف مصادر الإنفاق وتحديد تكلفة كل منها، لذلك يجب أن تكون القائمة بالغة الدقة وألا تغفل أي عنصر قد يحتاجه صناع العمل، كما أن إعداد تلك القائمة يسمح بالقيام بما يعرف بأسم “الموازنة”، حيث إذا كان إجمالي التكاليف النهائي يفوق الميزانية المحددة يمكن في تلك الحالة البحث عن العناصر غير الضرورية أو التي يمكن الاستغناء عنها لتوفير نفقاتها لإحضار التجهيزات الأكثر أهمية.
10 اختيار توقيت التصوير المناسب :
لعلك لاحظت أن النسبة الغالبة من الأفلام القصيرة تدور أحداثها خلال فترة النهار، وذلك ليس مصادفة بل هو أحد النصائح الموجهة من الخبراء في المجال الفني، حيث أن التصوير خلال الفترة النهارية يساهم في رفع جودة العمل فنياً ويساعد على خفض الميزانية بنسبة كبيرة.
التصوير الخارجي في فترات الليل يتطلب توفير العديد من التجهيزات، مثل الكشافات وعاكس الإضاءة وغير ذلك، وبالطبع إيجار هذا النوع من المعدات يكون مرتفعاً وقد لا يتناسب مع الميزانية المتاحة، أما التصوير ليلاً بدون تلك المعدات سيؤثر بشكل سلبي على جودة الصورة بسبب ضعف الإضاءة، من ثم يكون الحل الأمثل هو التصوير في أوقات النهار اعتماداً على الإضاءة الطبيعية، كما يفضل التصوير في الأوقات المبكرة لتجنب الزحام ومضايقات المارة.
11 استفد من منح الدعم :
هناك مقومات أساسية لإنجاز الأعمال الفنية بشكل عام سواء الأفلام القصيرة أو الطويلة، في مقدمتها توفير المعدات اللازمة للتصوير وفريق العمل المناسب، ورغم أن تلك المقومات ثابتة إلا أن ارتفاع الميزانية المحددة لتنفيذ العمل يساعد على تحسين مستوى المنتج النهائي، من خلال توفير معدات أعلى جودة وأكثر تقدماً والتعاقد مع فريق عمل أكثر احترافية.
يمكن رفع ميزانية الفيلم عن طريق الحصول على مصدر تمويل إضافي بخلاف التمويل الذاتي للأفلام القصير، والذي يتم من خلال المنح التي تقدمها العديد من الجهات مثل:
- قصور الثقافة ومراكز الشباب
- الجمعيات الفنية
- برامج التنمية الثقافية التي تقدمها بعض المؤسسات الغير رسمية أو السفارات
- شركات الإنتاج الفني التي تدعم هذا النوع من الأفلام
- مسابقات السيناريو التي تدعم السيناريو الفائز مالياً
يشار هنا إلى أن غالبية تلك الجهات تشترط توافر أعمال سابقة للشخص المتقدم حتى يمكن للجان المختصة تقييمه قبل تقديم المنحة، لكن الخبر الجيد أنها لا تشترط جودة محددة للأعمال السابقة، فإن كان قد سبق له تنفيذ مقطعاً مصوراً باستخدام كاميرا الهاتف المحمول سيفي ذلك بالغرض.